Darfur Victims Support

تقرير حول جلسة مجلس حقوق الإنسان وتقرير بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان

منظمة مناصرة ضحايا دارفور

تقرير حول جلسة مجلس حقوق الإنسان وتقرير بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان

12 سبتمبر 2024

في 9 سبتمبر 2024، اختتم مجلس حقوق الإنسان جلسته الحوارية التفاعلية المتعلقة بتقرير بعثة تقصي الحقائق حول السودان، التي جاءت ضمن إطار الدورة العادية رقم 57. هذه الجلسة جذبت اهتمامًا كبيرًا من قبل الدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية، وقد تناولت الأزمة الإنسانية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في السودان، التي تصاعدت منذ بداية النزاع المسلح في 15 أبريل 2023.

أبرز ما جاء في تقرير بعثة تقصي الحقائق:

كشف تقرير بعثة تقصي الحقائق عن وقوع انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في السودان، حيث وثّق عمليات قتل وتعذيب واعتقال تعسفي واختفاء قسري بحق المدنيين. كما رصد حالات مروعة من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. حمّلت البعثة الأطراف المتنازعة، ولا سيما القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مسؤولية هذه الانتهاكات، مشيرة إلى تجاوزات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. كما تم تدمير البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية، وزيادة معاناة المدنيين، حيث نزح الملايين، وواجه الآلاف نقصاً حاداً في الغذاء والماء والخدمات الصحية. ودعت البعثة إلى ضرورة توفير مساعدات إنسانية عاجلة، مع توصية بتمديد تفويضها لعام آخر، كي تتمكن من متابعة التحقيقات والمراقبة المستمرة.

تحليل قانوني لالتزام السودان بالمواثيق الدولية:

من خلال استعراض تقرير بعثة تقصي الحقائق، يتبين أن السودان قد أخل بالتزاماته المنصوص عليها في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقيات جنيف. فرغم عضوية السودان في هذه الاتفاقيات، إلا أن الحكومة السودانية لم تُبدِ التعاون المطلوب مع البعثة، بل رفضت التعامل معها بشكل صريح. هذا السلوك يعكس عدم التزام السودان بتنفيذ واجباته في حماية حقوق الإنسان ومساءلة المتورطين في الانتهاكات.

ومن ناحية قانونية أخرى، تعيين النائب العام السوداني من قبل قائد الجيش يثير تساؤلات كبيرة حول استقلالية القضاء السوداني وحياديته. فالنائب العام الذي يترأس اللجنة الوطنية للتحقيق في الانتهاكات هو طرف غير محايد، حيث يُعتبر منتمياً للنظام العسكري الذي يتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن تلك الانتهاكات. بموجب القانون الدولي، لا يجوز للخصم أن يكون في موضع الحكم، وهو ما يتنافى مع مبدأ استقلالية القضاء. اللجنة الوطنية للتحقيق، التي تم تشكيلها تحت إشراف النائب العام، تعتبر من الناحية القانونية فاقدة للشرعية لأنها تشكلت من أطراف تُمثل النظام العسكري، ما يعني أن قراراتها باطلة وغير ملزمة قانونياً.

لقد أظهرت متابعة قرارات اللجنة الوطنية للتحقيق غياباً واضحاً للاستقلالية، حيث لم يتم توجيه أي اتهامات أو تجريم لأي من العناصر العسكرية المتورطة في الجرائم، بل على العكس، توجهت التهم نحو قوى سياسية معارضة، مثل “تقدم”، وهو ما يعكس أن هذه اللجنة تعمل بناءً على اعتبارات سياسية وليست قانونية. هذا يؤكد أن اللجنة تفتقر إلى النزاهة والمصداقية اللازمة لتحقيق العدالة، وهو ما يُعتبر انتهاكاً لمبادئ الشفافية والمحاسبة.

موقف السودان في جلسة مجلس حقوق الإنسان:

خلال الجلسة، قدم النائب العام السوداني، الذي يمثل اللجنة الوطنية للتحقيق، خطاباً اتسم بالعدائية تجاه بعثة تقصي الحقائق والمنظمات غير الحكومية. لم يكن هذا الخطاب مقنعاً، حيث تركز على تبرئة الجيش السوداني من التهم، وهو ما أثار شكوك الحاضرين حول حيادية واستقلالية اللجنة. كما هدد النائب العام بملاحقة المنظمات غير الحكومية التي انتقدت الحكومة السودانية، مما يعزز الانطباع بأن السلطات السودانية تحاول قمع الأصوات المعارضة وتجنب المساءلة الحقيقية.

التوقعات المستقبلية:

من المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مناقشات مكثفة بين الدول الأعضاء حول مسألة تمديد تفويض بعثة تقصي الحقائق لعام إضافي، في ظل استمرار الانتهاكات وعدم تعاون السودان مع الآليات الدولية. وعلى الرغم من المعارضة الشديدة من بعض الدول الإفريقية والعربية، إلا أن دعم الدول الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان العالمية لتجديد التفويض سيشكل محوراً رئيسياً في جهود مجلس حقوق الإنسان لمراقبة وتوثيق الانتهاكات المستمرة في السودان.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top