بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس أمناء هيئة محامي دارفور .
الإجتماع بالمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان السيد رمضان العامرة .
وإذ يطيب لنا في هيئة محامي دارفور الترحيب بكم ،وأنتم تباشرون مهام المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يحدونا الأمل في قيامكم بالدور المفصلي لإعادة الأمور في السودان إلى نصابها الصحيح ، قبل حدوث الانهيار التام، وشيوع ظاهرة الفوضى العامرة والتي لن تكون محصورة في السودان وحده كما الحال في الصومال، وليبيا ،بل ستمتد لتشمل دول الجوار وحزام الغرب الإفريقي وإلى أجزاء وأسعة من إفريقيا .
في ديسمبر ٢٠٢٣م التقى وفد من هيئة محامي دارفور، ضم رئيسها الأستاذ صالح محمود وعضوها الأستاذ مساعد محمد على بالأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غويتريش، وبحث معه مستقبل المبادرات الإقليمية والدولية بخصوص الوضع في السودان والإنتهاكات الممارسة من قبل طرفي الحرب (الجيش والدعم السريع) . الأمين العام ذكر أن أصحاب المبادرات لا يرحبون بدور للأمم المتحدة، وأنه سيعمل لتفعيل دور الأمم المتحدة وقد قام بتعيينكم لتقوم بمهام المبعوث الخاص له، وهو يثق كما ذكر في قدراتكم ،لإنفاذ المهام المنوطة بكم ، وأوصى الهيئة بشدة للتعاون معكم ، نشكر لكم اهتمامكم بدعوة الهيئة لهذا الإجتماع التشاوري الذي ننظر إليه أنه أمتدادا للتعاون مع الأمم المتحدة .
السيد المبعوث الخاص للأمين العام .
هنالك قصور في أداء الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة بالسودان،وقد لا يكون هذا الظرف مناسبا للحديث عنه ،ولكن بالضرورة لاحقا الحديث بصورة مستفضية ، خاصة ولم تعد الأمم المتحدة من خلال ممارساتها المتعلقة بقضايا، في نظر الكثير من شعوب الدول مصدر ثقة خاصة في البلدان الإفريقية ،وقد تغلبت على ممارسات الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي اعتبارات خدمة مصالحها الذاتية على حساب قضايا الشعوب، وبهذا قد تفقد الأمم المتحدة دورها الذي يبحث عنه الأمين العام حاليا من خلال المبادرات الإقليمية والدولية التي لا يُرحب فيها بدور لها ،وذلك بحسب ما أفصح سابقا .
السياق :
يبحث السيد الأمين العام للأمم المتحدة عن دور بخصوص الوضع الحالي في السودان ، وهو المعني أصلا بموجب ميثاق الأممالمتحدة ، وهذا يتطلب أن تعالج الأمانة العامة للأمم المتحدة أوجه القصور، بوضع الخطط اللازمة التي تكفل ضرورة مشاركتها والمبنية على دراسات مستقاة من أرض الواقع، وإن فعلت ذلك، لأكتشفت أن من أسباب الأزمة في المنطقة والسودان إهمال الأمم المتحدة لمسؤولياتها في السودان ، والمسببات، ومن ضمنها أوضاع مئات الآلاف من الرحل الذين يتواجدون بإفريقيا ودول الحزام منذ أن أكتسبت الدولة الحديثة شخصيتها القانونية الدولية المحمية بالقانون الدولي بمعاهدة وستفاليا ١٦٤٨م ونشأة الدولة الحديثة في إفريقيا بعد تقسيم ممتلكات دول المحور عقب الحرب العالمية الأولى ، وهنالك حتى الآن الآف الرحل الذين يتجولون بين دول إفريقيا من دون أن تقوم الأمم المتحدة بدراسة أوضاعهم وحقهم في الاستقرار في أماكن تواجدهم بحسب نظم الدولة الحديثة وكفالة حقهم الطبيعي الإنساني في التوطن والاستقرار والتعليم والرفاهية وحق الشعوب والدول في الأمن والسلامة العامة بمنع استغلال الرحل في مشروعات تغيير الأنظمة بدول إفريقيا .
كذلك بالضرورة أن تتعاون دول الغرب التي كانت تستعمر إفريقيا وقد حولت إستعمارها التقليدي السابق إلى إستعمار حديث ،بربط بعض الدول وشعوبها بنخب وطنية حاكمة، تخدم مصالحها على حساب مصالح الشعوب، بمثلما يحدث في دول حزام الغرب الإفريقي، ولا بد للغرب أن يدرك ، أن تلك السياسات والوسائل لم تعد مجدية، بل ستؤدي قطعا إلى تكريس خطاب الكراهية ضده .
مستندات الإجتماع المرفقة ذات الصلة :
● تقرير الأمين العام لمجلس الأمن الدولي بشأن حماية المدنيين في السودان .
● إعلان جدة للإلتزام بحماية المدنيين في السودان .
المستند الأول (المرفق ) ،تقرير الأمين العام ،وملخص بالمذكرة المفاهيمية وجدول أعمال مشاورات مدنية برعاية الأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين في السودان المؤرخ ٢٧ كانون الأول/ ديسمبر/٢٠٢٤م، التقرير الذي قدمه الأمين العام لمجلس الأمن الدولي في تشرين الأول /أكتوبر/ ٢٠٢٤م وقد تضمن توصيات وصفها بأنها ملموسة ووأقعية لتعزيز حماية المدنيين في السودان ، والوقف الفوري للأعمال العدائية، وتحسين حماية المدنيين، وتكثيف جهود وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم جهود الحماية المحلية التي يقوم بها المجتمع المدني ، بإنشاء آلية متينة وشفافة لمتابعة الامتثال ،لضمان تنفيذ اتفاقية جدة .
المستند الثاني (المرفق)،
إعلان جدة في ١١ مايو ٢٠٢٣م .
أسئلة إرشادية :
● ماهية الإجراءات التي ينبغي اتخاذها لتنفيذ التوصيات الواردة في تقرير الأمين العام بشأن حماية المدنيين في السودان. وقبولها من قبل الأطراف وتنفيذها بشكل وأقعي لتقرير حماية المدنيين على الأرض .
● في السياق الحالي للنزاع وتدهور الظروف الإنسانية وظروف الحماية ، هل هنالك إجراءات ذات أولية ، يمكن قبولها من قبل الأطراف وتنفيذها ، بشكل وأقعي ، لتقرير حماية المدنيين على الأرض.
الإجابة على الأسئلة الإسترشادية:
بالضرورة أن لا تبدأ الأمم المتحدة من فراغ ،وتؤسس جهودها على أي جهود إيجابية سابقة ،ولكن بالنظر للجهود السابقة يجدها الباحث ،أنها كلها لم تحقق أي نتائج إيجابية ،كما أن الأوضاع على الأرض قد تجاوز إعلان جدة وقد لا يصلح ما ورد بالإعلان المذكور لمخاطبة الأوضاع المتأزمة بالبلاد، فالآن بالضرورة استدعاء إلتزامات طرفي الحرب في الإتفاق منذ تاريخ التوقيع عليه ،والمساءلة على جميع الإنتهاكات الناجمة عن ذلك الإخلال، لكل طرف بما يليه ، والبحث في محصلة الجهود الإقليمية والدولية التي لم تأت بأي نتائج وعلى رأسها جهود وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ومبعوث الرئيس الأمريكي توم بيريللو والتي أنتهت بعد ترقب وانتظار من السودانيين لوثيقة أطلقت عليها ،مدونة السلوك، وقع عليها طرف الدعم السريع، وأمتنع طرف الجيش عن التوقيع، والوثيقة نفسها حتى لو وقع عليها طرفي الحرب فإنها قد تقنن لاستمرار الحرب، بتشجيع طرفيها على عدم الالتزام بوقفها تحت قواعد سلوك مثالية ، فالذي يقع على المواطنين الأبرياء ،عبارة عن جرائم ضد الإنسانية وعدوان عليهم في مساكنهم .
تتفق الهيئة مع كل الوقائع الواردة في تقرير الأمين العام ، كذلك هنالك وقائع لم يتضمنه التقرير ، ولكن التقرير كافيا لبيان أوجه الإنتهاكات الجسيمة الممارسة بواسطة طرفي الحرب ،كما وعقب التقرير الذي قدمه الأمين العام لمجلس الأمن الدولي. سقط العديد من الضحايا المدنيين العزل جراء القصف الجوي العشوائي للجيش والقصف المدفعي الثقيل العشوائي للدعم السريع من بينهم أسرتين كاملتين كنموذج، والعديد من الأشخاص بمدينة الفاشر المحاصرة ،وأيضا العاصمة المثلثة ومناطق أخرى بالولايات المتأثرة بالحرب كقرى ولاية الجزيرة التي وقعت بها مجازر بشرية يندى لها الجبين ، لم تهز الضمير الإنساني الإقليمي أو العالمي للأطراف التي ظلت تتدخل سياسيا تحت غطاء حل الأزمة السودانية، لذلك الضرورة تقتضي ابتكار وسائل غير تقليدية في معالجة الأزمة المستفحلة حماية للمدنيين بعيد عن الأغراض والمصالح السياسية والمتاجرة بدماء الإنسان في السودان، إن مساعدة شعب السودان للتقرير بنفسه في شأن مصير بلاده ضرورة ، وليس من خلال طرفي الحرب، وستقدم الهيئة تصورا بذلك للأمين العام العام ، ولكن في هذه العجالة تقدم لكم هذه المقترحات من خلال بعض الأجوبة على الأسئلة الاسترشادية :
حالة اللادولة :
١/ أنبنت الأسئلة، على أفتراض أن طرفي الحرب يمثلان شعب السودان، وأنهما يمتلكان كل أدوات العنف والقرار في الدولة ، وبذلك الأفترض تم منح الطرفين حق التقرير بشأن وقف الحرب ومستقبل البلاد بمعزل عن الشعب، والواقع أن البلاد تشهد حالة اللادولة، وتعدد مراكز العنف ،وبالتالي أي تسوية لم تنبن على مرجعية قواعد تأسيس الدولة بصورة أساسية فلا مستقبل لها ، ولرد الأمر إلى شعب السودان ، ستتقدم لكم الهيئة بتصور متكامل .
٢/ إن الدعاوى الجنائية المقيدة أمام المحكمة الجنائية الدولية بموجب قرار الإحالة الصادر من مجلس الأمن الدولي ١٩٩٣، وقد أنتهت الإجراءات بعد عقدين من الزمان إلى مثول (متهما وأحدا) أمام المحكمة الجنائية الدولية ويٌقال أنه قام بتسليم نفسه طواعية للمحكمة، ، ولم تظهر المحكمة أي جدية في القبض على بقية المتهمين (عمر البشير / عبد الرحيم محمد حسين / أحمد هرون)، وهنا يثور التساؤل بعد مدى جسامة وفداحة الجرائم المرتكبة جراء الحرب الدائرة ،هل تصلح هذه الآلية لردع مرتكبي الجرائم وتحقيق العدالة والإنصاف .
٣/ إن تقرير الأمين العام المقدم لمجلس الأمن الدولي مثل غيره ، لم يرد فيه ما يشير إلى الأسباب الحقيقية للحرب في السودان ، فالحرب في السودان أسبابها الحقيقية قضايا تأسيس الدولة السودانية، إن المدخل الصحيح لمعالجة قضايا الأزمة في السودان ، الإستناد إلى الوثائق الدستورية المنشئة للدولة السودانية ،والتي حددت أن الدولة السودانية دولة مدينة ديمقراطية. فيدرالية ، يتم إقرار دستورها الدائم من خلال إنتخاب جمعية تأسيسية منتخبة من كل أقاليم السودان ،إن عدم التقيد بقواعد التأسيس يجعل الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الأجيال المتعاقبة للتنازع والإقتتال، كما أن قواعد التأسيس إجرائية تكفل لكل السودانيين الحق في تقرير شؤونهم ومصائرهم .
٤/ لقد تزايد نطاق الإنتهاكات الممارسة بواسطة جميع الأطراف ، ففي المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش بشمال السودان صدرت تدابير ولائية (قانون الوجوه الغريبة)، وصار القانون من أدوات الحرب وملاحقة المدنيين ووجه الشخص كافيا لإتهامه وتمت ملاحقات جنائية مخالفة للقانون والقبض الجزافي للعديد من النساء والرجال ،وتمت محاكمة ١٣ إمرأة بتهم تقويض النظام الدستوري والتعاون مع الدعم السريع بلا بينات ، يكفي مجرد وجود روشتة لمركز علاجي بالمناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع في حقيبة إمرأة كما في حالة المدانة( الدر حمدون) للحكم عليها بالإعلام ،أو صورة إمرأة وهي ترتدى زي الدعم السريع في احتفال قبل الحرب، للإدانة بتقويض النظام الدستوري والتعاون مع الدعم السريع وايقاع عقوبة الإعدام عليها كما في حالة المدانة (آية مصطفى ) ، كما وهنالك الآن العديد من الرجال الذين تمت محاكمتهم أو الذين ينتظرون المحاكمات وعقوبات الإعدام الجاهزة ، (ستقدم الهيئة بكشف للأمين العام بالأسماء والمحاكمات الجائرة) .
٥/ لقد صار الحق في التعليم وأداء الامتحان من أدوات الحرب، وقد أعاق الدعم السريع حق الآف الطلاب في المناطق الخاضعة لسيطرته من التوجه إلى مناطق مراكز امتحانات الشهادة السودانية ، وصار مصير الطلاب رهينة بسياسات الدعم السريع والحرب .
٦/ قدمت لجنة الخبراء المشكلة بموجب القرار ١٥٩١ تقريرها إلى مجلس الأمن الدولي في فبراير ٢٠٢٤م ، وقد تضمن أدلة ذات مصداقية وموثقية عالية، واكتفى المجلس بتجديد تفويضها من دون إتخاذ أي إجراء بشأن ما ثبت أمامه من تسليح خارجي للحرب في السودان .
ختاما : وإذ تؤكد الهيئة استعدادها التام للتعاون مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، سترفده برؤية متكاملة حول كيفية تحقيق الحماية للمدنيين أثناء الحرب ،ووضع خارطة الطريقة لمشاركة الشعب السوداني في أمره ، وآليات المحاسبة الناجعة، والمساهمات الإيجابية في مخاطبة قضايا ذات صلة مثل ظاهرة الرحل، كما وستمد الأمين العام عبركم بمستندات هامة ،والتذكير بمذكرات وخطابات أخرى أودعت لمكتبه ،من ضمنها المذكرة التي رفعتها مجموعة مناصرة اللاجئين السودانيين بتاريخ ١٥/ ديسمبر/ ٢٠٢٤م بشأن تقرير الحماية، والمطالبة بعدم الإعادة القسرية ، ضمن أمور أخرى مطالب وأردة بالمذكرة المذكورة، بصورة لأعضاء مجلس الأمن الدولي والبعثات المعتمدة بالأمم المتحدة.
وإذ تتطلع الهيئة للتعاون معكم، وتعزيز تعاونها مع الأمم المتحدة، نأمل أن تتكلل جهودكم بالنجاح . ولكم الشكر. الصادق علي حسن
رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور المكلف .
٣/ ١/ ٢٠٢٤م