Darfur Victims Support

تقرير توثيقي حول إزالة قرية الخيرات – سوبا، محلية شرق النيل، ولاية الخرطوم.

المقدمة

في ظل النزاع المسلح الداخلي الذي يشهده السودان منذ أبريل 2023م، تزايدت الانتهاكات بحق المدنيين من قبل أطراف النزاع ، مما أدى إلى نزوح واسع النطاق وتدمير ممنهج للممتلكات وحرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية. في هذا السياق، تلقت منظمة مناصرة ضحايا دارفور بلاغات موثقة تفيد بقيام قوات حكومية مشتركة بتنفيذ عملية إزالة قسرية لمئات المنازل في قرية الخيرات، التابعة لمحلية شرق النيل – سوبا، بولاية الخرطوم، في منتصف مايو 2025، في استهداف ممنهج شمل السكان المنحدرين من إقليمي دارفور وكردفان.

خلفية الحادثة

وفق إفادة المواطن “ح. س. م.” (45 سنة، متزوج وله 5 أطفال) وعدد من الضحايا الآخرين، فإن قوة مشتركة من الجيش والشرطة وجهاز المخابرات اقتحمت قرية الخيرات بتاريخ 18 مايو 2025م حوالي الساعة الثامنة صباحاً، مستخدمة نحو 20 عربة لاندكروزر مسلحة، بقيادة المدير التنفيذي لمحلية شرق النيل، مرتضى يعقوب بانقا. سبق ذلك قيام السلطات بكتابة أوامر إزالة على جدران المنازل بتاريخ 7 و8 مايو في منطقة الفتح، دون إنذار رسمي أو إشعار قانوني.

بدأت القوات في تكسير المنازل وإزالتها، حيث تم هدم ما يقارب 1000 منزل، دون تقديم أي بدائل أو تعويض للمتضررين، في انتهاك صارخ للقوانين الوطنية والدولية. وقد تم اعتقال ثلاثة مواطنين اعترضوا على العملية، وهم: شرف كمال خالد ، مهند فكي ، عبد الله مهند فكي. وقد أُطلق سراحهم في نهاية اليوم نفسه.
ومن بين المتضررين الذين تم توثيق شهاداتهم (أُخفيت أسماؤهم الحقيقية لسلامتهم): محمد علي خالد، نصر الدين إبراهيم عبد الله، سيف بشارة، إسحق جمال حامد، وآخرون.

الوضع القانوني للأراضي والسكان.

أفاد الضحايا بأن المنطقة تم تنظيمها رسميًا بين عامي 2020 و2021 بواسطة المدير التنفيذي نفسه، مرتضى يعقوب بانقا، ودُفعت رسوم قدرها 20 ألف جنيه سوداني مقابل التخصيص، وتم إصدار مستندات رسمية. ومع ذلك، ورغم هذه المشروعية القانونية، تم تنفيذ الإزالة بصورة قسرية دون قرارات قضائية أو مراعاة لحقوق السكن أو الملكية.

التأطير القانوني للانتهاكات

  1. القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م
  • المادة 183 (التعدي الجنائي): تنص على أن من يضع يده أو يستمر في التواجد في ملك الغير دون وجه حق يُعد مرتكبًا لجريمة التعدي. إزالة منازل قائمة بوثائق رسمية دون سند قانوني يمثل تعديًا جنائيًا صريحًا.
  • المادة 182 (الإتلاف الجنائي): تجرّم الإتلاف المتعمد لممتلكات الغير.
  • المادة 186 (التمييز العنصري): تجرّم أي فعل يقوم على التمييز العنصري، بما في ذلك الاستهداف القائم على الانتماء الجهوي أو القبلي.
  1. القانون الدولي الإنساني
  • اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 49): تحظر التهجير القسري للسكان المدنيين تحت أي ظرف.
  • المادة 53: تحظر تدمير الممتلكات الخاصة للمدنيين إلا في الحالات التي تقتضيها الضرورة العسكرية الحتمية، وهو ما لا ينطبق على الحالة موضوع التقرير.
  1. القانون الدولي لحقوق الإنسان
  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 17): يكفل حق التملك، ويحظر التجريد التعسفي من الملكية.
  • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 9): يضمن الحماية من الاعتقال التعسفي ويكفل الحق في المحاكمة العادلة.

الوصف القانوني للانتهاكات

  1. إزالة قسرية غير قانونية: تم تنفيذ العملية دون قرارات قضائية أو إشعارات مسبقة، ما يُعد انتهاكًا لحق الملكية والتملك المشروع.
  2. تعدٍ جنائي على الممتلكات: القوات التي نفذت العملية دخلت إلى أملاك خاصة وأزالتها عنوة، في مخالفة للمادة 183 من القانون الجنائي السوداني.
  3. تمييز عنصري واضح: استهداف السكان بناءً على أصولهم الجهوية (دارفور وكردفان) يمثل خرقًا للقانون الوطني والمواثيق الدولية.
  4. حرمان من المأوى والكرامة الإنسانية: خاصة مع اقتراب فصل الخريف، وغياب أي خطط لإيواء المتضررين.
  5. اعتقال تعسفي: تم احتجاز مواطنين دون توجيه تهم، في مخالفة للمادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

التوصيات

  1. دخول عاجل للمنظمات الإنسانية لتقديم الغذاء والمأوى والخدمات الأساسية للسكان المتضررين.
  2. توفيق أوضاع السكان قانونياً وإصدار قرارات رسمية بضمان حقهم في السكن قبل حلول فصل الأمطار.
  3. فتح تحقيق مستقل ومحايد لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات، وعلى رأسهم المدير التنفيذي مرتضى يعقوب بانقا.
  4. وقف جميع أشكال الإزالة العشوائية والعنصرية وضمان عدم تكرارها.
  5. إعادة النظر في سياسات التخطيط العمراني وإشراك المجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات المتعلقة بأراضيهم وسكنهم. الخاتمة

تعكس أحداث قرية الخيرات حجم الانتهاكات التي تُرتكب ضد المدنيين في ظل غياب القانون والمساءلة، وخاصة بحق الفئات المهمّشة تاريخيًا. وتؤكد منظمة مناصرة ضحايا دارفور أن مثل هذه الأفعال تمثل تهديدًا مباشرًا للسلم الأهلي وتزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية والسياسية في البلاد. إن المساءلة والعدالة للضحايا ليست فقط حقًا قانونيًا، بل ضرورة لإنهاء دوامة العنف والإفلات من العقاب.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top