في إطار عملها المستمر في رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، وخاصة في المناطق التي تشهد تدهورًا في الأوضاع الأمنية والمدنية، قامت منظمة مناصرة ضحايا دارفور بإجراء مقابلة مباشرة مع الضحية السيد عبدالغني خالد، حيث كشف عن تعرضه لانتهاكات جسيمة على يد عناصر مسلحة تابعة للقوات المسلحة السودانية، إلى جانب ما تعرض له محاميه وابن عمه، السيد حسن شيخ، من اعتقال تعسفي وتعذيب وابتزاز مادي
تفاصيل الحادثة:
في يوم 28 مايو 2025م، حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف صباحًا، وصلت إلى منزل المواطن عبدالغني خالد – البالغ من العمر 61 عامًا والمقيم بحي دار السلام – قوة مسلحة مكوّنة من سبعة أفراد يرتدون زي القوات المسلحة السودانية. ووفقاً لرواية الضحية، فقد تبيّن أن من بين أفراد القوة شخصًا برتبة مساعد، واثنين برتبة رقيب أول، إضافة إلى عنصر يُعتقد أنه فني يتبع لجهاز المخابرات العامة.
طرقت القوة باب المنزل، ففتح لهم حسن شيخ (محامٍ وابن عم عبدالغني). سألوا إن كان هو عبدالغني، فأجاب بالنفي. وعندما سمع عبدالغني اسمه، خرج إليهم وقال: “نعم، تفضلوا.” على الفور، قاموا بربطه بالحبال أمام زوجته وأطفاله، وبدأوا بتفتيش المنزل دون أمر قضائي. ثم أقدم أحد العسكريين ويدعى أبوشيبة، برفقة جندي يُدعى بول من جنوب السودان، على نهب محتويات المنزل واقتياد عبدالغني إلى مركز احتجاز يتبع لبسط أمن شامل بدار السلام مربع 16.
هناك، وُجهت له أسئلة تتعلق بانتمائه أو صلته بقوات الدعم السريع، فأجاب بأنه مواطن كفيف لا علاقة له بأي تنظيم مسلح. رغم ذلك، تم ضربه أثناء التحقيق. لاحقًا، حضر ضابط برتبة نقيب يدعى مصعب، وواصل التحقيق معه، ثم غادر إلى منزل عبدالغني مجددًا وقام باعتقال المحامي حسن شيخ واقتياده إلى نفس مركز الاحتجاز.
في المركز، تعرض المحامي للاعتداء الجسدي والإهانة اللفظية أثناء التحقيق معه بشأن صلاته السياسية بـ”قوى الحرية والتغيير” ومشاركته في مبادرات العمل الطوعي والإنساني. لاحقًا، تم نقله إلى معتقل تابع لجهاز المخابرات العامة بحي الثورة، الحارة (18) بأم درمان. وتشير شهادات العائلة إلى أن المحامي يعاني من أمراض مزمنة (الضغط والسكر)، ومع ذلك مُنع من زيارة أسرته أو الحصول على أي رعاية طبية مناسبة.
أما عبدالغني، فقد تم الإفراج عنه بشرط المثول اليومي أمام مركز الاحتجاز في دار السلام لمدة أسبوع، من الساعة الثامنة صباحًا حتى الثامنة مساءً. وخلال عودته إلى منزله في أحد الأيام، أفاد بأن عناصر تنتمي إلى ما يُعرف بـ”كتيبة البراء بن مالك” قامت باعتقال اثنين من جيرانه، وهما وليد عادل التيجاني ود الريح، وقد تم اغتيالهما ميدانيًا في ساحة الحي.
الابتزاز المالي مقابل الإفراج :
بتاريخ 4 يونيو 2025م، سُمح للمحامي حسن شيخ بإجراء مكالمة هاتفية واحدة مع أسرته، وطلب منهم تحويل مبلغ 200,000 جنيه سوداني عبر تطبيق بنكك إلى أحد ضباط الخلية الأمنية مقابل إطلاق سراحه. وبالفعل، تم تحويل المبلغ، وتم وعد الأسرة بإطلاق سراحه، وهو ما لم يحدث.
وفي 15 يونيو 2025م، تكررت المطالبة بتحويل مبلغ مالي جديد قدره 500,000 جنيه سوداني إلى حساب أحد عناصر الخلية، وتم التحويل للمرة الثانية، ومع ذلك لم يتم الإفراج عنه، وهو ما اعتبرته الأسرة ابتزازًا متكررًا ومنظمًا تمارسه جهات ترتدي الزي الرسمي وتتمتع بغطاء أمني.
التوصيات:
تعد الوقائع المذكورة انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وتشكّل جرائم متعددة من بينها:
• الاعتقال التعسفي والاحتجاز خارج إطار القانون؛
• التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة؛
• انتهاك حرمة المساكن والممتلكات الخاصة؛
• الابتزاز المالي والتهديد مقابل إطلاق السراح؛
• الاغتيال الميداني دون محاكمة.
توصي منظمة مناصرة ضحايا دارفور بما يلي:
1. فتح تحقيق مستقل في الانتهاكات المرتكبة في محلية أم بدة؛
2. تقديم الدعم العاجل للضحايا وأسرهم، بما يشمل المساعدة القانونية والطبية والنفسية؛
3. محاسبة الأفراد المتورطين وفقًا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب؛
4. توثيق هذه الشهادات ضمن الملفات المعروضة على الآليات الدولية و الاقليمية ولا سيما بعثة تقصي الحقائق الأممية بشأن السودان .
