Humani

الحق في التعليم والصحة والأمنليس رفاهية بل ضرورة إنسانية.

كلمة العدد :مزمل الغالي (المحامي)

في ظل واقع إنساني مأزوم، وظروف مأساوية تمر بها البلاد، يطل هذا العدد من صحيفتنا الأسبوعية ليضيء على معاناة لا يجب أن تُنسى، وأصوات لا يجوز أن تُسكت.
في وقت كان يُفترض أن يكون امتحان الشهادة السودانية مناسبة للفرح والإنجاز، تحوّل امتحان الشهادة السودانية للعام الثاني علي التوالي إلى مرآة صادمة تعكس عمق المأساة التي تعصف بالسودان. آلاف الطلاب حُرموا من حقهم في الجلوس للامتحان، لا لذنب اقترفوه، بل بسبب الحرب التي أغلقت أبواب المدارس وفتحت أبواب المعسكرات والمنافي.
في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وفي معسكرات اللجوء داخل تشاد، وجد الطلاب أنفسهم ضحايا لصراع لا يد لهم فيه، يُحرمون من أبسط حقوقهم دون تنسيق ولا عدالة.
وحتى في أوغندا، حيث لجأ البعض فرارًا من أتون الحرب، واجه الطلاب صعوبات جسيمة للوصول إلى مراكز الامتحان وسط الغلاء و الضيقة المعيشية. لكن، ورغم كل ذلك، أشرق بصيص أمل في ظلمة هذا الواقع، حين تكاتف ناشطون ومدافعون عن حقوق الإنسان و منظمات تطوعيه مبادرة تحمل إسم (لجنة طورائ إمتحانات الشهادة السودانية كمبالا ) لجمع التبرعات وتنظيم المبادرات لإيصال الطلاب إلى قاعات الامتحان و توفير السكن و المعيشه .
إنه درس في التضامن الشعبي يجب أن يُحتذى بها .
وفي دارفور، وتحديدًا في محلية طويلة، نزح آلاف المواطنين من الفاشر بعد اشتداد العمليات العسكرية، ليفترشوا الأرض بلا مأوى ولا طعام.
إلا أن مبادرة ( منظمة مناصرة ضحايا دارفور و منظمة الامل و منظمةالملاذ الآمن ) بتوزيع سلال غذائية على الأسر الأكثر احتياجًا، كانت فعل مقاومة إنساني في وجه التجاهل الدولي والمحلي لمعاناة المدنيين. أما في شمال كردفان، وتحديدًا في وحدة المزروب بمحلية بارا، فقد بلغ الوضع الصحي مرحلة كارثية مع تفشي وباء الكوليرا، وسط غياب تام للاستجابة الصحية الكافية، ما يهدد حياة آلاف المدنيين، ويطرح سؤالًا كبيرًا حول غياب المسؤولية الوطنية في حماية صحة المواطن. نكتب هذه الكلمة لا لنُسجّل عجز الدولة او المجتمع الدولي فقط، بل لنُجدّد العهد بأن صوت الضحايا سيظل حاضرًا، وأن الحق في التعليم والصحة والأمن لا يجب أن يُقدَّم كمنّة، بل كاستحقاق إنساني غير قابل للتفاوض.
إننا نُخاطب بهذه الكلمة الضمير الحي، ونُوجّه نداءً لكل المنظمات والفاعلين والناشطين: لنتّحد في مواجهة اللامبالاة، ولنعمل معًا كي لا يتحوّل الألم إلى عادة، والظلم إلى قدر.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top