مزمل الغالي (المحامي)
مع كل يوم يمضي، يتعمّق الجرح الإنساني في السودان، وتزداد المأساة تعقيدًا واتساعًا. فالحرب لا تعرف الرحمة، والمدنيون يدفعون الثمن من أرواحهم وكرامتهم وأجسادهم المنهكة بالجوع والمرض والخوف.
في دارفور، ومع اشتداد حصار مدينة الفاشر منذ مايو 2024، تحوّلت الحياة إلى جحيم مفتوح، حيث تتوالى الهجمات، وتُغلق ممرات الإغاثة، ويُمنع الطعام والدواء عن السكان العزّل. أما في كردفان في شماله ، فقد باتت الحرب تُلاحق المدنيين من مدينة لأخرى، دون تمييز بين امرأة أو طفل أو شيخ.
تُسجّل التقارير تفشي وباء الكوليرا في مناطق عديدة، وسط بيئة صحية منهارة ونقص حاد في مياه الشرب النظيفة. المجاعة لم تعد خطرًا محتملًا، بل واقعًا مرًّا ينهش أجساد الضعفاء بصمت. يُقتل المدنيون بدم بارد، وتُرتكب الانتهاكات دون رقيب أو مساءلة، بينما يصرخ الضمير العالمي… في صمت!
بالأمس 4 أغسطس 2025 ، اجتمع مجلس الأمن الدولي في جلسة خاصة لمناقشة الوضع في السودان. لكن، كم من جلسة نُظمت من قبل؟ وكم من بيان و قرار صدر دون أثر؟ إنّ أعين العالم ترى، لكنها لا تتحرك، وإن تحركت، فهي لا ترتقي إلى مستوى الكارثة التي تتفاقم كل ساعة.
إننا في هذه الكلمة لا نُوجّه اللوم فقط للمتورطين في الحرب، بل أيضًا للمجتمع الدولي الذي سمح بمرور آلاف الجرائم دون تدخل فعال، وللمؤسسات الإقليمية التي اكتفت بالمراقبة دون مبادرة، وللحكومة التي فشلت في حماية شعبها، وللصمت الذي صار شريكًا في الجريمة.
لكننا نؤمن أن الصوت الحر لا يُقهر. وأن دورنا – كمدافعين عن حقوق الإنسان – هو أن نحمل الحقيقة مهما كانت موجعة، وأن نكتبها، ونوثقها، ونصرخ بها في وجه العالم، حتى لا يُقال يومًا: “لم نكن نعلم.”
لكل من لا يزال يقف في صف الكرامة ، هذه ليست مجرد أزمة إنسانية، إنها معركة ضمير ، ومسؤولية جماعية.