المقدمة
منذ اندلاع النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، تشهد مناطق دارفور موجة متصاعدة من أعمال العنف والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، حيث بات المدنيون أهدافًا مباشرة للهجمات، بما في ذلك استخدام الأسلحة الجوية والطائرات المسيّرة.
في هذا السياق، توثق منظمة مناصرة ضحايا دارفور حادثة القصف الجوي بواسطة طائرة مسيرة تابعة للجيش السوداني استهدفت سوق محلية الكومة بولاية شمال دارفور في 1 يونيو 2025، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين العزّل. يعتمد التقرير على إفادات الشهود والمصادر المحلية المؤكدة.
خلفية الحدث
محلية الكومة، التي تبعد نحو 78 كيلومترًا شرق مدينة الفاشر، تعد منطقة ذات طابع مدني وتجاري، وتستقبل سوقها الأسبوعي يوم الأحد مئات المواطنين القادمين من المناطق المجاورة مثل أم كدادة، أم سدرة، ومليط، لشراء وبيع احتياجاتهم الأساسية.
افادوا شهود اعيان لمنظمة مناصرة ضحايا دارفور حوالي الساعة الواحدة ظهرًا بتوقيت السودان يوم الأحد الموافق 1 يونيو 2025، وأثناء ذروة السوق، أطلقت طائرة مسيرة تابعة للجيش السوداني صاروخًا على تجمع المواطنين في السوق، ما أدى إلى وقوع مجزرة مروعة راح ضحيتها عدد من المدنيين .
- تفاصيل الحادثة
١/ عدد القتلى المؤكدين: 32 شخصًا، من بينهم نساء وأطفال.
٢/ عدد الجرحى: عشرات، لم يتم حصرهم بدقة بسبب ضعف الاتصالات.
٣/حالة الجرحى: حرجة، في ظل نقص الإمدادات الطبية والكوادر في المستشفى الريفي.
٤/ دفن الضحايا: تم دفن 17 جثة مجهولة الهوية في مقابر المدينة بعد تفحمها بالكامل.
٥/ الجهات التي شاركت في نقل الضحايا: غرفة الطوارئ، متطوعون محليون.
- عدد الغارات الجوية منذ بدء النزاع: القصف الحالي يُعد الغارة رقم 130.
قائمة بعض الضحايا
- صالح محمد عبدالله
- يوسف الفكي
- عبدالرحمن مطر
- ناصر محمد حامد
- محمد خليفة ذكريا
- يوسف رابح حسب الله
- محمد الرضي عمدة
- مدثر إبراهيم حدق
- مؤيد حميدة عبدالرحمن
- سليمان محمد سليمان (أم هجاليج)
- محمد علي عبدالرحمن
- محمد الصادق يوسف
- محمد حسين حامد
- حماد محمد أحمد15. جثة متفحمة لم يتم التعرف عليها.
- الإطار القانوني
تمثل هذه الحادثة انتهاكًا جسيمًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، ولا سيما:
١/ اتفاقيات جنيف (1949) والبروتوكولين الإضافيين: التي تحظر استهداف المدنيين والمنشآت المدنية أثناء النزاعات المسلحة.
٢/ مبادئ التناسب والضرورة العسكرية: تم تجاهلها تمامًا، حيث لم يكن هناك أي هدف عسكري واضح داخل السوق.
٣ /القانون الدولي لحقوق الإنسان: خصوصًا الحق في الحياة وحق المدنيين في الحماية من العنف.
٤/ قد ترقى هذه الأفعال إلى جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تشمل “تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين كجريمة حرب في النزاع المسلح غير الدولي .
التوصيات
*إلى القوات المسلحة السودانية
- الكف فورًا عن استهداف المدنيين والمنشآت المدنية.
- احترام قواعد القانون الدولي الإنساني ومحاسبة المسؤولين عن القصف.
- التعاون مع الجهات الدولية المستقلة في التحقيقات.
- إلى قوات الدعم السريع
- وقف استخدام المدنيين كدروع بشرية أو اتخاذهم كغطاء للعمليات العسكرية.
- الالتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني.
- إلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن
- فتح تحقيق دولي مستقل بشأن هذه المجزرة.
- فرض عقوبات على القادة المسؤولين عن الانتهاكات في دارفور.
- دعم إنشاء آلية للمراقبة الدولية في السودان لحماية المدنيين.
*إلى المنظمات الدولية.
- إرسال فرق لتقصي الحقائق في شمال دارفور.
- تقديم الدعم الطبي والإنساني العاجل للمصابين والنازحين
- توثيق الجرائم والعمل على إعداد ملفات قانونية لتقديمها للمحاكم الدولية المختصة .
الخاتمة
الهجوم على سوق الكومة لا يمكن تفسيره إلا كمجزرة متعمدة بحق مدنيين عزّل في منطقة تجارية مكتظة، وهو يعكس نمطًا متكرّرًا من استهداف المدنيين في دارفور. إن استمرار هذا النوع من الجرائم في ظل غياب المساءلة يمثل تهديدًا صارخًا للسلم والأمن الإقليميين، ويقوّض أي جهود للحوار أو الانتقال الديمقراطي في السودان.
